الثلاثاء، 1 يناير 2013

الشيخ والمحكمة


آمنتُ أنّ حرية التعبير هي مقدّمة لحياة مجتمع يبغي الرقيّ والتقدّم والازدهار. وكتبت أن قمع هذه الحرّية في أي موقع ولأي سبب هو أمر شائن ومذموم.
استعمال حرية التعبير بشكل صحيح وفي خدمة الرأي، مهما عاكس واختلف مع رأي آخر، هو من بشائر نضوج المجتمع وسلامة ثقافته ورقيّها، وهو كذلك شهادة لبلوغ أفراده درجات من التطور الفكري التي تغني ذلك المجتمع وتؤمِّن عوامل نجاحه وسعادته.
إلى ذلك، أشير إلى أنّ هنالك حدًّا فاصلًا بين حرّية الرأي والتعبير وما قد يتحوّل ليصير تحريضًا وترهيبًا وقذعًا وما إلى ذلك. كل هذه هي أفعال غير محمودة ومرفوضة وفي بعض الحالات تكون مخالفات قانونية ودائمًا تحسب كممارسات غير أخلاقيّة، نتائجها ليست في صالح المجتمع ولا في صالح أفراده، على الرغم من أن صاحبها  يؤمن بحقه في قولها والدعوة لها. هذه مسألة واسعة، قولبتها في ضوابط "مقدّسة" شأن يحتمل الإعجاز ودائمًا يحمل الخطأ والمخاطأة.
وواقعنا في إسرائيل علّمنا كم مطاطيّة هي قواعد هذه القضية، وكم هي بعيدة عن الموضوعية والنزاهة والعدل. فالتحريض علينا كعرب كان شائعًا وأصبح سائدًا إلى درجة دعوات بعض "السادة" اليهود إلى قتلنا، وبعضهم تفنّن في وصفنا بالثعابين والصراصير وما إلى ذلك من الزواحف والقوارض التي لا يحل فيها إلا القتل. مطلقو هذه النداءات لم يعاقبوا على الأغلب وحجة الدولة اتكأت على اعتمادها حرية التعبير والرأي كحق أساسي للمواطن، حتى وإن كان قائله مذمومًا والرأي ممجوجًا ومرفوضًا. 
هكذا تشاوفت ديمقراطية الدولة بإتاحة ممارسة حق أساسي تحترمه الأمم، لكن هذه السيّدة عاجزة حينما يكون العربي هو السائل لحقّه والواقف على عتبات دار العدل والقانون. لذا سمعنا، ونسمع اليوم أكثر، عن قادة عرب ورجال دين عرب يلاحقهم قانون الدولة وتتهمهم نيابتها العامة إثر قول أو خطبة أو تصريح، ويتحولون بين ليلة وضحاها إلى متهمين يكابدون ويدفعون أثمانًا لم يدفعها نظراؤهم من اليهود.
آخر ما سمعناه كان قرار محكمة صلح الناصرة التي أدانت الشيخ ناظم أبو سليم بمخالفة التحريض على العنف والإرهاب، وحكمت عليه بالسجن الفعلي لمدة ثلاثة أعوام.
لم أتعرَّف على الشيخ ناظم ولم أسمعه خطيبًا. ما أكتبه مبني على ما قرأت وهذا يكفي، فالمخالفة التي أدين بها الشيخ مبنية على ما دعا إليه في خطبه الملقاة في جامع تؤمّه جموع المصلين وفيها، كما جاء في الصحف، دعوات إلى العنف وإشادة ودعم لمنظمات تعتبرها إسرائيل منظمات إرهابية. أنا لا أوافق على ما كان الشيخ ناظم يدعو إليه، كما جاء في الإدانة، وكنت أتمنى أن لا يقول الشيخ ما قاله وأن لا يخطب إلا بالألفة وداعيًا للمحبة. كنت أتمنى عليه وعلى كل صاحب منبر ومنصة ولسان ذرب فصيح أن لا ينطق إلا بما يؤلف بين القلوب ويوحّد الدماء وينهى عن حقد وحسد وكراهية بين الإنسان وأخيه الإنسان. 
هكذا كنت أتمنى، أمّا وإن آثر هو أن لا يفعل، وسار بنهج فيه من البلاغة ما يزعج ومن الفصاحة ما يحزن، فهذا أمر غير مستحب ومرفوض. ولكن بين هذا وبين إحالته إلى القضاء واتهامه والحكم عليه بالسجن لثلاثة أعوام كل البعد واحتجاجي. فوفقًا لما قرأت فلقد أقرت القاضية أنّها بصدد قضية استثنائية وان الدولة لم تتقدم في الماضي بمثل هذا الملف ولم تطلب إيقاع مثل هذه العقوبة، أي أنها قضيّة "بكر". 
من المعروف بين معشر وأهل القانون أن قواعد العقاب في المسائل الجنائية تقضي بعدم استنفاذ العقوبات على متهم تعتبر قضيٌته قضية "بكر" وذلك لتعويد العامة على مناخ مستجد وتدريج العقوبات مع مرور الزمن وقياس ردات الفعل بما يحكم الجريمة في ميزان الردع المرجو والعقاب اللازم. أمّا الأهم عندي هو قراءتي لكون هذه الإدانة تجسّد عمليًا سياسة التمييز العنصري التي مارستها أجهزة الدولة عندما أعفت يهودًا صرحوا بما هو أخطر بدرجات من تصريحات الشيخ ناظم، ودعوا إلى ما يصبح في ساحتنا رياضة قومية يهودية تسعى إلى اصطياد الضحايا العرب كما صرَّح به وأجازه مثلًا كاتبو كتاب "توراة الملك".
لا أعفي الشيخ ناظم من مسؤولية وجسامة تصريحاته، إن قالها في الواقع كما كتب، فهذه مقولات تسبب الأذى لعموم مجتمعنا وتعود علينا بالمصائب. وأمثاله ممن يتبوأون المنابر ويمتلكون ناصية اللغة وملكة الحناجر، يضطلعون بمسؤولية يجب أن يحرصوا على القيام بها بأمانة في خدمة بناء مجتمع سليم معافى خال من دعوات التشظي والتشرذم والتطيّف. ولكنني آسف أكثر لما قامت به نيابة الدولة وما حكمت به المحكمة فلقد كان هذا برهانًا على تجسيد سياسة عنصرية ولم يكن برهانًا على حساسية هذا النظام على أمن وسلامة الجمهور.
"المحكمة حكمت بهذا الحكم ليكون رسالة واضحة بأن دولة إسرائيل لن تقبل بأيديولوجية ذات صبغة عنيفة وإرهابية دون أن يدفع عليها بشكل معتبر" هكذا بررت ناطقة باسم المحكمة الحكم على الشيخ ناظم ولهذا التبرير ولكونه غير صادق أسجل موقفي بحق عقوبة أنزلت ليس باسم العدل والمساواة والقانون.  
أما نحن، الجماهير العريضة المغبونة، سنستمر في نضالنا من أجل نيل حقوقنا ومساواتنا أمام المحاكم والقانون، ونضالنا من أجل عيش في مجتمع يدعو فيه شيوخه وكهنته وقيادته إلى نبذ العنف واحترام الحياة والحرية وحقنا بالاختلاف مع الآخر في الرأي والموقف دون أن يؤدي ذلك لإعلاننا كفرة ولا خوارج ولا أعداء ولا جهلة. 
فليفك الله أسرنا من كل ظلم وظالم وليفك الله أسرك يا شيخ من كل شدة وهفوة وليهدنا إلى ما فيه خير وصواب وحق. 

الشيخ الناصري وجواد بولس والمحكمة/ بقلم: جامعي حر

لقد قرأت ما خط قلم المحامي جواد بولس حول محكمة الشيخ ناظم ابو اسليم ( ابو اسامة الناصري ) ؛ والحكم عليه ثلاث سنوات فعليا بعد سنتين من الابعاد والإقامة الجبرية بتهمة التحريض وتأييد منظمات تصنف انها ارهابية !! .. وتبين بوضوح ان جواد بولس قال كلمته بحق الشيخ ناظم فأصاب بها وأخطأ .. فما قاله من صواب يُشكر عليه وما أخطأ فيه نبينه له تبيان الناصح الامين .. إن وقفة جواد بولس بهذا الوقت ضد محاكمة الشيخ ناظم امر يسجل لحسابه وهي وقفة لم نسمعها الا همسا من قبل مشايخ ودعاة ووعاظ "وقادة " في وسطنا العربي المستهدف بل الصحيح اننا لم نر منهم موقفا واحدا ولا كلمة حق واحدة ينصرون فيها أسير من الأسرى ؛ وإمام من الناصرة والجليل في ارض الإسراء والمعراج والأقصى ؛ يتعرض الى هجمة عاتية ؛ ولن أُبالغ إن قلت أنها من أعتى هجمات السلطات ضد إمام أو داعية يدعو الى الله على بصيرة ..
هل سمعت الشيخ أبو اسليممع تقديرنا لوقفة المحامي جواد بولس الا انه جانب الصواب عندما صرّح ولمّح وهمَز وتمنّى كما قال :" أنا لا أوافق على ما كان الشيخ ناظم يدعو إليه، كما جاء في الإدانة، وكنت أتمنى أن لا يقول الشيخ ما قاله وأن لا يخطب إلا بالألفة وداعيًا للمحبة. ! كنت أتمنى عليه وعلى كل صاحب منبر ومنصة ولسان ذرب فصيح أن لا ينطق إلا بما يؤلف بين القلوب ويوحّد الدماء وينهى عن حقد وحسد وكراهية بين الإنسان وأخيه الإنسان. هكذا كنت أتمنى، أمّا وإن آثر هو أن لا يفعل، وسار بنهج فيه من البلاغة ما يزعج ومن الفصاحة ما يحزن، فهذا أمر غير مستحب ومرفوض " (انتهى كلام المحامي جواد بولس). هذا الكلام يا استاذ بولس فيه من التجنّي على الشيخ الكثير الكثير ..وسؤالي لك ولكل من يتكلم بقضية الشيخ ابو اسامة الناصري اقصد الشيخ ناظم بالطبع.. هل سمعت مرة ما قاله الشيخ .. هل قرأت ما كتبه الشيخ ، هل قابلته وسمعت منه ام سمعت عنه وقرأت عنه ما كتبته الصحافة والإعلام الرخيص! لقد حاول المرجفون في المدينة - وبتوجيه مخابراتي - تشويه دعوة الشيخ الناصري ليصدوا الناس عن الحق الذي يصدع به هذا الرجل المفضال امتثالا لنداء القرآن: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا الا الله ....الآية).. هل الشيخ الناصري يا جواد بولس آثر ان لا يؤلف بين القلوب وسار بنهج فيه من البلاغة ما يزعج ومن الفصاحة ما يحزن وهو الذي كان يدعو الناس كل الناس الى توحيد الكلمة على كلمة التوحيد كما نادى بها كل الانبياء والمرسلون عليهم الصلاة وأتم التسليم..
الحقد والحسد والكراهية هل الشيخ الإمام في مسجد شهاب الدين كان يدعو للحقد والحسد والكراهية ، هل سمعت منه كل أمة واحدة بمثل هذا التجني؟ أم أن كل أمه حُرّف وهو يدعو لكره الظلم والظالمين ؟! لقد وقعت يا استاذ جواد بما وقع به كثير من الناس وبما وقع فيه كثير ممن يعملون في وسطنا من مسلمين او غيرهم ..لقد وقعت في مصيدة الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس الذي امرنا الله رب الناس بالتعوذ منه .. لقد سمعت هذه المقولة من الشيخ ناظم كثيرا : اسمع مني ولا تسمع عني... وحقا ان الشيخ الناصري تعرض لهجمات ومكائد ومكر حتى ممن ينتسبون الى الاسلام لا لشيء الا لان الشيخ صدع بما لا يستطيعون هم ان يقولوه رغبا ورهبا .. ولان الشيخ تناول الاحداث الساخنة وصدع بقول الله ورسوله فيها دون ان يخشى احدا الا! الله ولهذا كان خطة هؤلاء تشويه الشيخ والصد عن دعوة ربانية لا بزنس فيها ابدا مع الأنظمة والحكام.. ولا تلعب في ملاعب صممت عن خبث لإلهاء الناس عن الحق الأبلج ..
التحقيق مع أبو اسليمهل تعلم على ماذا كان يحقق مع الشيخ في زنازين الجلمة التي لا تعرف فيها الليل او النهار ؛ كما ظهر في بروتوكول المحكمة ؟! كان التحقيق عن خطابه في مسجد شهاب الدين والأقصى ضد حرب المتكبرين في العراق وافغانستان وغزة واستعمالها للاسلحة الاجرامية كالفوسفور الابيض والهيدروجين .. كان التحقيق معه حول مقالته : ستموت ايها الطاغية .. والكلام عن المخلوع الطاغية الحسني مبارك .. كان التحقيق معه حول تسمية حكام العرب بكرزايات العرب ..لماذا يعتبر الحكام العرب والمستسلمين كالعميل كرزاي؟!! كان التحقيق معه حول مقولته : من قطر يأتي الخطر اشارة الى قاعدة العديد الامريكية العسكرية في قطر بجانب القاعدة الاعلامية فيها !!!! كان التحقيق حول انتقاد الشيخ زيارة الزائرين من البلاد الى القذافي ومدحهم له بانه حفيد عمر المختار !! كان التحقيق مع الشيخ : لماذا لا تصوّت للكنيست ؟! كان التحقيق مع الشيخ ناظم : لماذا لم ترحب بالبابا بنديكتوس 16 وحاولت منع زيارته للأقصى والناصرة ؟ كان التحقيق مع الشيخ ناظم لماذا اهل السوابق والإجرام يتوبون الى الله ويأتون اليك ؟!!! كان التحقيق مع الشيخ حول بيانه ( يا قادة حماس ؛ هدم الكعبة اهون على الله من اراقة دم مسلم) انتقد فيه حماس في غزة عندما دمرت مسجد ابن تيمية وقتلت ثلاثين مسلما فيه دون أن تحاصرهم وتعطى المهلة الكافية لمحاكمتهم ان كانوا مذنبين حقا يستحقون القتل بعد أن صلوا صلاة الجمعة في المسجد!!!!
البلاغة والبلاغة اقرأ بروتوكول التحقيق الموجود عند المحامين لتعلم ان قضية الشيخ الناصري حُبكت في اروقة اهل الاختصاص للنيل من صوت جلجل بالحق الذي انزله! الله والذي يقول للطغاة : لا للظلم .! .لا للتكبر والاجرام.. لا لقتل الاطفال والنساء والعوائل والأبرياء.. لا لاحترام واستقبال وتوقير من ينال من الانبياء ورسالاتهم التي انزلها الله !! هل علمت الان يا استاذ جواد بولس على ماذا حوكم الشيخ ناظم ؟..لا تسمع للإعلام المسموم ولا للمرجفين ولا للحاسدين ولا تصدق ما قالوه وكتبوه ونسجوه من كذب وافتراء عن الشيخ ابي اسامة الناصري ..وكنت اتمنى عليك الا تتمنى على الشيخ هذا التمني المغلوط.. أمّا وإن آثرت أن لا تفعل، "وسرت بنهج فيه من البلاغة ما يزعج ومن الفصاحة ما يحزن، فهذا أمر غير مستحب ومرفوض " وها انا ادعوك لتسأل عن الشيخ ناظم وتقف من قريب على كلام ودعوته ودينه وموقفه وعندها لن ترى الا ما يسر الصديق ويغيظ العدو .. وقبل كل شيء سترى ما يرضى الله العلي الكبير الذي يسعى الشيخ لنيل مرضاته هكذا نحسبه والله حسيبه .. وعندها - وظني بك خيرا - انك لن تتمنى على الشيخ ألا يصدع بهذا الحق الذي صدع به ... وعلى كل حال اكرر دعوتك في آخر مقالتك: فليفك الله أسرنا من كل ظلم وظالم وليفك الله أسرك يا شيخ من كل شدة وهفوة وليهدنا إلى ما فيه خير وصواب وحق ..والحمد لله رب العالمين.. جامعي حُرّ وقريب ، سبتمبر 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق