الأحد، 21 نوفمبر 2010

تِيجَانُ مَدْحٍ رُصِّعَت بِلآلي

تِيجَانُ مَدْحٍ رُصِّعَت بِلآلي

الحمدُ لله مُعزِ الإسلام بنصرهِ ومُذِلّ الكفرِ بقهرهِ ومصرّفِ الأمُورِ بأَمْرهِ والصلاة والسلام على من أعزه الله وأظهره على عدوه ، وعلى من سار على دعوته واستن بسنته وهديه ، وآله وصحابته ، وبعد ..
في زمنٍ عَزَّ فيه الرجال وَقَلَّ فيه الأبطال وتكالب الناس على حطام الدنيا والأموال ولم يذكروا ما أُعِدّ في الآخرة من الأهوال ، وصرفوا أنظارهم إلى أهل المُجون الأرذال، وأكثروا من قيل وقال، وَوَالَوْا أعداء الله الأوغال ، وتركوا كتاب ربهم الذي فيه عزهم وأعرضوا عن سنة نبيهم وهي طريق استقامتهم .. بَرَز أئمةٌ أعلام يدعون الأنام إلى الهدى والرشاد وخير كلام .. فما كان من أعداء الله إلا أن كبلوا أيديهم وقيدوها ، ونسبوا إليهم تهم التطرف والبهتان؛ ظناً منهم أن الرجال سيَدَعُون هذه الدعوة ويتركونها ..
قالوا تطرف جيلنا لما سما  قدرا وأعطى للبطولة موثقا
ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا  ومضى على درب الكرامة وارتقا
لكنهم بفضل الله ساروا على سواء السبيل وأقوم دليل وابتعدوا عن طريقة أهل الانحراف وتمسكوا بمنهج أهل الحق والإنصاف ، وصبروا على لأواء الطريق وفارقوا الأهل والصديق قابضين على الجمر رغم ما أصابهم من ضيق غير عابئين بما فيهم من أعداء الله يحيق ، قال الله تعالى: ((وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ )) ، فقد جعل الله العاقبة للمتقين بفضله ، ولمن تمسك بأمره ..
صَبْرُ الرِجالِ وهمّةُ الأبطالِ  صَنَعَا دُرُوبِ العِزّ للأجيالِ
قُم يا قصيدي للكرام مُقدِّماً  تيِجانَ مدحٍ رُصّعت بلآلي
فأُوَجِّهُ أبياتاً من الشعر إلى الشيخ ناظم أبو اسليم فك الله أسره ، كتبها الشيخ أبو محمد المقدسي في سجنه (فك الله أسره ، صاحب كتاب ملة إبراهيم) في عيد الأضحى لأعوام خلت وسنين مضت ؛ قائلاً فيها :
إذا كنـت باللـه مسـتعـصما       فـماذا تضـيرك ريـب المنـون
حـذاري أخي أن تسيء الظنون     بـوعـد الإلـه القـوي المتـين
فقـد وعـد الـمؤمنين النجاة     كـما نـجّ يونس من بطن نون
أخـي قـد مضى قبلك الأولون    فـهذي السجون كتلك السجون
فيـوسـف أمـضى بـها مدة     ومـوسـى تـوعـده الظالمون
كـذاك رسـول الإلـه الكريم     ليثـبتـه مَـكَرَ المشـركـون
فنجـــاه ربـي بـهجـرته     بـرفـقة ذاك الصـديق الأمـين
وفـي إثرهم قـد مضى المؤمنون   كـأحـمد ذاك الإمـام المكـين
كـذاك ابـن تيْـمَةَ أَنْعِم بـه   بقـلعة شـامٍ أقـام ســجـين
تـحصّن بـذكر الإلـه العظيم   وبـادر لـحفـظ الكـتاب المبين
فـذاك لقـلبك حـصنٌ حصينْ   وهــذا لروحــك زاد مـعين
فـهذي شــدائد سوف تزول   وتبـقى الفـوائــد منـها فنون
لـمرضـاة ربٍ ونصرة ِ دين   تـهون الـحيـاة وكـل البنون

وإني أَشْهَدُ على ما دعا إليه هذا الإمام وما عليه من الاعتقاد والفهم التام ، فقد دعا إلى كتاب الله ذو الجلال والإكرام وإلى سنة خير الأنام بعقيدة السلف الكرام الناصعة البيضاء بعزةٍ قَعْسَاءَ لا تُناصَى وبدعوةِ إمام الحنفاء وجميع الأنبياء ، قال الله تعالى :(( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) ، وبـَيَّن للناس أنّ لا إله إلا الله ؛ هي تجريد التوحيد وموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله ، وأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله كما جاء عن نبي الرحمن صلى الله عليه وسلم .
فكانت دعوته نبذ التعصبات الجاهلية للأحزاب والأفكار والمناهج والولاءات العَمِيّة ، وكانت دعوة لموالاة أهل الإسلام وأن يكون بحبل الله وحده كامل الاعتصام ..
أمّا مُؤلَّفَهُ وكتابه فما رأيت أحداً من الراسخين في العلم قد عابه .. بل قد أثنى عليه كبار العلماء في هذا الزمان بخير ثناء ، وأقصد كتاب "دعوة التوحيد وطائفتها المنصورة عقيدة ومنهاجاً" ، فنفع الله به طالب الحق ومبتغيه وقمع صاحب الباطل ومبتغيه ، كيف لا وهو يحمل راية الأنبياء ومَن قَبْلَهُ مِنَ الأولياء الأنقياء ، فهي راية التوحيد (لا إله إلا الله) دعا الناس إليها وإلى التمسك بها ومعرفة شروطها ونواقضها ومقتضياتها ولوازمها .. إنها عقيدة الولاء والبراء ..
وأقول للشيخ ناظم فك الله أسره ، وإنك إذ ناديت بصوت العز : من أنصاري إلى الله ؟ فإنا نجيبك بصوت الفخر : نحن أنصار الله ! ، قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)) ، وإنا .. على الدرب سائرون.. وعلى الطريق ماضون.. رغم الجراح ؛ فإنا قد حسمنا خيارنا واخترنا طريقنا ، وحادينا قول الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله :

وعابوا علينا باتباع نبينا     وقد تبعوا أحكام كل منافق
ونحن براء من ذوي الكفر جملة     فلسنا وإياهم بحكم التوافق
ونحن على دين النبي محمد     ونكفر بالطاغوت دين المشاقق
ونرمي عداء الدين من كل مارق     وكل جهول ماذق بالجلاهق
ودونك من هذا الضياء شوارقا     توضح منهاجاً لأهدى الطرائق
وتنشر أعلام الهدى مستنيرة     وتمحق أهل الكفر من كل مارق
وصل على المعصوم ربي وآله    وأصحابه أهل النهى والحقائق
وتابعهم والتابعين لنهجهم     على السنن المحمود من كل لاحق

أبو يحيى المعتصم ، 14 ذو الحجة 1431هـ

هناك 3 تعليقات:

  1. فنشكر الشيخ ابو يحيى المعتصم على هذا المقال الرائع الذي يرفع الهمم ويبعث في النفوس الامل انه ما زال في الامة اناس صادقين مع الله لا يضرهم من عاداهم ينصرون الله ورسوله والمؤمنين غير مبالين بمن يمكر بهم بل يمضون في طريق السلف المفروش بالجماجم والمروى بالدماء الملئ بالاشسواك والعقبات ولكن هيهات هيهات لمن يعرف هذه الطريق ويعتقد بها ويعلم ماذا سينال من ورائها يوم القيامة يوم يتبرا الاب من ابنه والتابع من المتبوع والمتبوع من التابع يوم يرفع الله المجاهدين والعلماء الصادعين بالحق ويحشرهم مع الرسل والانبياء يوم لا ينفع النادم ندمه نعم انها طريق حبس من اجلها يوسف وقذف في النار ابراهيم وقطع راس نبي الله يحيى ولوحق موسى وعيسى واوذي سيد البشر بابي هو وامي وقتل من اجلها سيد الشهداء فما زالت تراق دماء ابناء هذه الدعوة يسقون هذه الطريق من دمائهم ويمهدونها بجماجمهم لمن ياتي من خلفهم فهذه الطريق وهذه الدعوة تحسب دائما في حسابها ان من يبلغ مبادئهاوينتهج نهجها يكبر عليه اربعا في عداد الشهداء. نعم فعلى من يسير هذا الطريق الملئ بالمخاطر الثقيلة والجهد الثقيل يجب عليه ان يعلم انه سيذهب وقودا للتبليغ وزادا لايصال الكلمات التي لا تحيا الا بالقلوب وبالدماء.

    ردحذف
  2. قال الشيخ الزرقاوي رحمه الله: " الابتلاء هو قدر الله في جميع خلقه، ولكنه يزداد ويعظم في شدته على الأخيار الذين اجتبتهم عناية الله، وخاصة المجاهدين منهم لابد لهم من مدرسة الابتلاء.. لا بد لهم من دروس التمحيص والتهذيب والتربية."(ا.ه)

    ردحذف